المناضرة العلمية العربية

المناضرة العلمية العربية
"فضائل إكرام الضيف"




 







بقلم:
فاتحة قرّة أعين دين الله
ماريا ألفة

المعهد العالي للدراسة الإسلامية
"هداية الرحمن"
فيلاج - مساران – سراغين – بجاوة الوسطى – أندونيسيا
2015-2016






 


بسم الله الرحمن الرحيم

أ‌.       المقدّمة

الحمد لله الذي خلق الكائنات, و تفضّل علينا بوجوهه و الرحمات, والذي أرسل رسوله بالهدى و البيّنات, و أعجزه لمن أنكر به بالمعجزات, أنزل التورة و الإنجيل و الزبور, و أتمّها بالآيات.
الصلاة و السلام على نبيّنا اصطفى, المبعوث بخير الهدى على كافّة الخلق فضلى, و على آله وصحابته و من تابعهم من اهتدى بنور الهدى.
أمّ بعد:
بعث الله رسوله بجميع الأخلاق و خلال الجمال, قال الله تعالى: ((لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيْ رَسُوْلِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُوا اللهَ وَ الْيَوْمَ الْآخِرَ وَ ذَكَرَ اللهَ كَثِيْرًا)). سورة الأحزاب: 21.و قال صلى الله عليه و سلّم وهو يوضّح مقصودًا عظيمًا من مقاصد إرساله وإرسال إخوانه من الرسل, وهو الدعوة إلى مكارم الأخلاق. فقال النّبيّ: (( إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ)). متفق عليه.
فإنّ إكرام الضيف خلق من الأخلاق المحمودة التي تترتّب على عُرْف العرب واشْتَهَروا بها، مثلاً في هذا المجال في الجاهلية والعَلاقة بين الإيمان وإكرام الضيف تظهر في الإحساس بأن الضيف عبْد من عِباد الله لا يجوز أن يُحْرَم مِن خَير هو مِن فضل الله سبحانه، وأنه في الوقت نفسه أخ في الدِّين والإنسانية، والأخوَّة يَجب عليهم أن يتحابُّوا ويتعاونوا,كما قال تعالى: ((إِنَّمَاالْمُؤْمِنُوْنَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوْا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوااللهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُوْنَ)). سورة الحجرات: 10
فإنّ الشريعة الإسلامية السمحة فقد اهتمّت بمكارم الأخلاق على أمّة رسول الله, كي تطبيقه بحسن التطبيق في حياته. كنّا أمّة رسول الله وجعلناه أسوةً حسنةً في مبدئ حياتنا. و بالحزن, يهملون بعض المسلمين بالأخلاق المحمودة في الاجتماعية, ألا و هي إكرام الضيف, مع أنّه تضمّنت فيها الفضائل الخصوصية. بأنّنا سوف نبحث هذه الفضائل في هذه المقالة, قبل أن نقدّم تقديم خطة البحث بالتالية:
-       المبحث الأول     : تعريف إكرام الضيف
-       المبحث الثاني     : مشروعية إكرام الضيف
-       المبحث الثالث    : فضائل إكرام الضيف

ب‌.  المبحث

1.    المبحث الأوّل: تعريف إكرام الضيف

أولاً      : التعريف
·       ضيف لغةً    : ضَيْفٌ جمعه أَضْيَافٌ أو ضُيُوْفٌ. (إسم فاعل ضَاف- يَضُوْفُ): من يأتي إلى غيره, و ينزل عند, أُشتهر العرب بإكرام الضيف. قال تعالى: ((هَلْ أَتَىكَ حَدِيْثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيْمَ اْلمُكْرَمِيْنَ))[1].
·       إكرام الضيف اصطلاحاً:  قال الشيخ محمّد ابن عبد العزيز رحمه الله تعالى, : "إكرام الضيف هو أن تبذّل للضيف من الصفات المحمودة ما به يحصل له الحقّ, و الصّفات المحمودة التي تعطى للضيف بشاشة الوجه. وانطلق الأسارير و الكرم باللسان أن يضاف بأحسن الألفاظ الحسنة. ومن إكرام الضيف: أن تطعمه وهو المقصود؛ لأنّ الأضياف يحتاجون لذلك".[2]
ثانياً      : فرق بين الضيف و المضيف و الضيافة:  
أمّا الضيف هو كما ذكرنا في الماضي. وأمّا -المُضِيْفُ- اسم فاعل ل أَضَافَ: صاحب الضيافة ,هو الذي يدعو الضيوف و يقريهم. [3] و أمّا الضِّيَافَةُ أي القِرَى مصدر ضَافَ, أي مال إليه ونزل به ضيفًا و ضيافةً. [4]

2. المبحث الثاني: مشروعية إكرام الضيف

. قال الله تعالى : (( هَلْ أَتَاكَ حَدِيْثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيْمَ الْمُكْرَمُوْنَ. إِذْ دَخَلُوْا عَلَيْهِ فَقَالُوْا سَلَامًا. قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُوْنَ.)).
 فمن أية الكريم ؛ نظراً لحكاية ضيف إبراهيم الذين أرسلهم الله إليه.(وهم الملائكة بصورة البشريّة)في صورة شبّان حسان مهابة عظيمة دون أن يدري أنّهم الملائكة . مع ذلك, هذه الأية تعتبر عن كيفية إبراهيم في إكرام ضيفه. حين قال الملائكة: سلامًا: وهذا منصوب على المصدر أو بوقوع الفعل عليه. و سلامٌ: هذا إجابة إبراهيم في ردّ سلامهم. مبتداء و خبره محذوف تقديره سلامٌ عليكم. و معناه الدّعاء.
عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه و سلّم: ((....مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَ اْليَوْمِ اْلآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ)). أخرجه البخاري: 6136, مسلم:47[5]

3.    المبحث الثالث: فضائل إكرام الضيف

أحسِنْ به قول أبو العتاهية في نظمه:
          لَيْسَ الدُّنْيَا إِلَّا بِدِيْنَ                           وَلَيْسَ الدُّنْيَا إِلَّا مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ[6]
فإن من آداب السلوك الإسلامي إكرام الضيف والقيام بحقه, من الاستقبال و إطعام المائدة (تعجيل الطعام) له بحسن الإداء, مع أنّه هو من مكارم الأخلاق و محاسن العادات, وكانت مفخرة من مفاخر الجاهليّة, كانوا إذا دخل عليهم الضيف في منزله, احترامًا لهم بإحضار المائدة, أكثر ما أمكن (لا يفتقرّ طعامًا قط), مثل قطيعةً من النّاقة أو قطيعةً من الشاة.
وقال ابن حبان يرحمه الله: "ومن إكرام الضيف: طيّبُ الكلام، وطلاقة الوجه، والخدمةُ بالنفس، فإنه لا يَذِلُّ من خدَم أضيافه، كما لا يعِزُّ من استخدمهم، أو طلب لِقرَاه أجرًا"[7]
     وقد جاءت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحاديث حثّت و تضمّنت على إكرام الضيف وما يتعلّق بها. كان إكرام الضيف خلال من آداب المسلم, و بعض من فروع الإيمان.
ويعتبر هذه الفضائل تترتب على مصالح المعتبرة التحسينات؛ هي المصالح التي يقصد بها الأخذ بمحاسن العادات و حكارم الأخلاق[8]
إن إكرام الضيف في الإسلام عمل كريم شامخ  محبب للمسلم الصادق ، ودليل واضح على قوة إيمانه. قال صاحب الإفصاح: أن يعتقد الإنسان أنّ إكرام الضيف عبادةٌ لا ينقصها أن يضيف غنيًّا و لا يعيرها أن يقدّم إلى ضيفه اليسير ممّا عنده؛ فإكرامه أن يسارع إلى البشاشة في وجهه و يطيب الحديث له؛ و عماد أمر الضيف إطعام الطعام, فينبغي أن يبادر بما فتح الله من غير كلفةٍ.[9] وقال علي بن الحسين : من تمام المروءة خدمة الرجل ضيفه كما خدمهم أبونا إبراهيم الخليل بنفسه وأهله.[10]  
من فضائل في إكرام الضيف التي تترتب على مصالح الإسلام:  

أ‌.       إكرام الضيف خصلة من خصال الإيمان .

إنّ في حياة الإنسان, تتفاوت أهل الإيمان و جعله علامة دالة على الإيمان بالله و اليوم الآخر.  قال النووي: أنّ إكرام الضيف من علامة الإيمان بالله و اليوم الآخر, و من تمام الإيمان بالله و اليوم الآخر.[11]
عن أبي هريرة قال: قال النبيّ: ((مَنْ  كَانَ يُؤمِنُ بِاللهِ وَاْليَوْمِ اْلآخِرِ فَلْيُحْسِنْ قِرَى ضَيْفَهُ)). وهذا الحديث بهذا الإسناد صحيح رجاله كلّهم ثقات. مرفوع.[12]
إكرام الضيف من أفضل الخصال الحميدة, والتي أوصى بها الاسلام. لقد جعل رسول الله الكريم بأنّ إكرام الضيف من أهمّ خصال الأيمان؛ لذا يقول بعض العلماء بأنّ إكرام الضيف واجب, فمن لم يقر الضيف, فقد انصرف من كمال الإيمان, و بعضهم يقول: مستحبّ, بل هذا من فروع الإيمان قطّ, و بعضهم يقول: فرض كفاية.[13] لأنّ الأعمال لا تكون شرطًا لصحّة الإيمان, غير أنّها تكون شرطًا لكمال الإيمان.

ب‌.  إكرام الضيف من أبرّ الأعمال و بعض من عبادة الله

الحقّ حقّان: حقّ الله على العباد و الأخرى حقّ العباد على العباد. فإنّ حقّ الله على العباد فيما يتعلّق به من الأعمال. و حقوقهم على العباد هي من ضرورات التحسينيات من مكارم الأخلاق, كإكرام الضيف مثلاّ.
ق  وله تعالى: " لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوْا وُجُوْهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ وَ لَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ اَمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمَ الْآخِرِ وَ الْمَلَائِكَةَ وَ الْكِتَابِ وَ النَّبِيِّيْنَ وَ آتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَ الْيَتَامَى وَ الْمَسَاكِيْنَ وَ ابْنَ السَّبِيْلِ...",   مناسبة هذه الآية, كان وجه الدلالة منها أنّها تشير إلى البرّ المعتمد في ميزان الله تعالى, و منه مراعاة ابن السّبيل, و من العلماء من فسّر لفظ "ابن السبيل" الوارد هنا بأنّه الضَّيف.[14] و قال بعضهم: قتادة و الطبري في تفسيره.[15]
ذكر في الحديث, بأنّ رسول الله ينصح عبد الله ابن عمر التي شغلته عنها العبادة الروحية؛ و هو لا يبالي عنه في مسئوليته بالجيران و الضيف. والخلاصة, أنّ المسلم الطيب ليس بالذكر, والصلاة, والصوم فقط, و يساهى حقوق الإنسانية عليه. كحقوق الزوجة على الزوج, وحقوق الضيف على المضيف. لأنّ المسلم عليه حقّ الإنساني له في كلّ حالٍ. فإنّ المسلم الطاعة هو الذي يؤدّى فرائضه من شريعة الإسلامية. فالولد والزوجة و الضيف لهم حقّ عليه.
عن عبد الله بن عمرو قال: دخل على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: ((أَلَمْ أُخْبِرْ أَنَّكَ يقومم اللَّيْلَ وَ تَصُوْمُ النَّهَارَ؟ قُلْتُ: بَلَى, قَالَ: فَلَا تَفْعَلْ, قُمْ وَ نَمْ, وَصُمْ وَ أَفْطِرْ, فَأِنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا, وَ لِعَيْنِكَ عَلَيْكَ حَقًّا, وَإِنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقًّا,.....))[16]
قال أبو حاتم رضي الله عنه : قرى الضيف يرفع المرء و إن رقّ نسبه إلى منتهى بغيته و نهاية محبته, و يشرِّفه برفيع الذكر و كمال الدخر.[17] و أيضاً : كلّ من ساد في الجاهليّة و الإسلام حتّى عرف بالسؤدد, وانقياد له قومه, ورحل إليه القريب و القاصى, لم يكن كمال سؤدده إلاّ بإطعام الطعام و إكرام الضيف. و العرب لم تكن تعدّ الجود إلاّ قرى الضيف و إطعام الطعام, ولاتعدّ السخى من لم يكن فيه ذلك, حتّى إن أحدهم ربّما سار في طلب الضيف الميل و الميلين.[18]

ت‌.  إكرام الضيف من سنن الأنبياء والمرسلين.

في قديم الزمان, أصبح إكرام الضيف العادة أو العرف عندهم, قد اشتهروا بها العرب. كان أوّل من أضاف الضيف إبراهيم عليه السلام. عن سعيد بن المسيّب رضي الله عنه قال: ((كَانَ أَوَّلَ مَنْ ضَيَّفَ الضَّيْفَ إِبْرَاهِيْمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ)). و في حكاية الأنبياء, كان شعيب عليه السلام قرى ضيفه موسى, و حبيبنا الكريم فقد أكرم ضيفه و جعل صحابته امتثالاً لهم.

ث‌.  الضيف ينزل بها لصاحبه البركة و الرزق و ارتحال الذنوب

فإنّ الضيف زائر عند دار صاحب المضيف و أكرمه فعلًا, جعل فيه بركة من الرزق و الطعام لايعدّ تقديره, و تكون كفارة عنه من ذنوبه. و بالعكس, إذا دخل عليه الضيف و كرهه إهمالًا مغفلًا, غضبه الله و كرهه. و جعل فيه غير بركة. والعياذ بالله...
أخرج الديلمي عن أنس رضي الله تعالى عنه قال: ((إِذَا دَخَلَ الضَّيْفُ عَلَى قَوْمٍ دَخَلَ بِرِزْقِهِ, وَ إِذَا خَرَجَ خَرَجَ بِمَغْفِرَةِ ذُنُوْبِهِمْ)). (2547). ضعيف. رواه الديلمي عن معرف بن حسان: حدّثنا زياد الأعلم عن الحسن عن أنس مرفوعاً. قال : هذا إسناد ضعيف. وقال السخاوي في "المقاصد" أيضاً.[19]

ج‌.   من يقري الضيف أوعد بالجنّة و الرضا الله.

إنّ إكرام الضيف يتحقق على رضوان الله و الجنّة لمن أحضر في روحه به خالصًا ناقيًّا لله تعالى.
أن ابن عباس أتاه الأعراب فقالوا : إِنَّا نُقِيْمُ الصَّلَاةَ ، وَنُؤْتِي الزَّكَاةَ ، وَنَحُجُّ اْلبَيْتَ ، وَنَصُوْمُ رَمَضَانَ ، وَإِنَّ نَاسًا مِنَ اْلمُهَاجِرِيْنَ يَقُوْلُوْنَ : لَسْنَا عَلَى شَيْءٍ ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : " مَنْ أَقَامَ الصَّلَاةَ ، وَآتَى الزَّكَاةَ ، وَحَجَّ اْلبَيْتَ ، وَصَامَ رَمَضَانَ ، وَقِرَى الضَّيْفَ ، دَخَلَ اْلجَنَّةَ " .[20]
وَ عَنْ أَبِيْ هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أَنَّ رَجُلاً أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ, فَبَعَثَ إِلَى نِسَائِهِ, فَقُلْنَ: مَامَعَنَا إِلاَّ الْمَاءُ, فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ: ((مَنْ يَضُمُّ أَوْ يُضِيْفُ هَذَا؟)), فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ: أَنَا. فَانْطَلَقَ بِهِ إِلَى امْرَأَتِهِ, فَقَالَ: أَكْرِمِيْ ضَيْفَ رَسُوْلِ اللهِ. فَقَالَتْ: مَاعِنْدَنَا إِلَّا قُوْتُ صِبْيَانِيْ. فَقَالَ: هَيِّئِيْ طَعَامَكِ, وَأَصْبِحِيْ سِرَاجَكِ, وَ نَوِّمِيْ صِبْيَانَكِ إِذَا أَرَادُوْا عِشَاءً. فَهَيَّأَتْ طَعَامَهَا, وَ أَصْبَحَتْ سِرَاجَهَا, وَنَوَّمَتْ صِبْيَانَهَا, ثُمَّ قَامَتْ كَأَنَّهَا تُصْلِحُ سِرَاجَهَا, فَأَطْفَأَتْهُ. فَجَعَلاَ يُرِيَانِهِ أَنَّهُمَا يَأْكُلَانِ. فَبَاتَا طَاوِيَيْنِ. فَلَمَّا أَصْبَحَ غَدَا إِلَى رَسُوْلِ اللهِ, فَقَالَ صلّى الله عليه وسلّم: ((ضَحَكَ اللهُ اللَّيْلَةَ أوْ عَجَبَ مِنْ فَعَالِكُمَا)). فَأَنْزَلَ اللهُ ((...وَيُؤْثِرُوْنَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ, وَمَنْ يُوْقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُوْنَ.)).(أخرجه البخاريّ: 3798, وأخرجه مسلم: 2054 بلفظ مختلف).[21]
وهذا الحديث اشتملّ على إفادة مهمّة من العبرة من خلل الصبر على الجوع و ضيق حال الدنيا, و من الاحتيال (السياسة أو الإبالة) في إكرام الضيف إن كان يمتنع عنه الطعام أو قلّة الطّعام. ونسبة الضحك و التعجّب إلى الله مجازيةً و المراد بهما الرضا بصنيعهما.[22]
قال ابن حجر العسقلاني: و المراد من رجل الأنصار: هو أبو طلحة.[23]

ح. إكرام الضيف من خصال صلّة الرحم

إنّ الإنسان مخلوق إجتماعيّ, متحاجون بعضهم بعضًا, و صلة الرحم و تربّط الأخوة بين المسلمين. مع أنّ من كمال العادة تعليمًا للمسلم بأن لاينـزل في معاملة الناس إلى المستوى الذي ينـزلون إليه.
عن عائشة رضي الله عنها أنّ النّبيّ –ص-: قال: ((الرَّحِمُ شُجْنَةٌ مِنَ اللهِ, مَنْ وَصَلَهَا وَصَلَهُ اللهُ, وَ مَنْ قَطَعَهَا قَطَعَهُ اللهُ)).[24]
صحّحه الألباني في السلسلة الأحاديث الصحيحة.[25]
قال ابن حجر : من وصل رحمه.[26]
و هكذا تلك هي فضائل إكرام الضيف الّتي تترتّب علينا بمكارم الأخلاق المحمودة امتثالاً لسنّة الأنبياء و المرسليىن. فكثير من المسلمين بإهمال هذا العمل بأن لايحسب له حساب أي نزر أو سهل. في الحقيقة, إهدار عمل المسلم الذي لايهتمّ بمكارم الأخلاق, لأنها من عبادة الله.

4.    الخاتمة

من المقالة المخطوطة التي قد بحثنا مفصّلاً باعتبار الأيات و الأحاديث و حكم العلماء, استنباطًا بأنّ فضائل إكرام الضيف من مكارم الأخلاق, على أنّه قد سنّه الأنبياء والمرسلين و امتثالهم الأمة. و بعد, أنّه من كمال الإيمان و يتحقق علينا بالبركة و الرضا و ارتحال الذنوب من الله. فمن أجل ذلك, ليزداد من عند الله ثوابٌ.  
فقد تمّ بحمد الله و الصلاة و السلام على رسول الله الكريم و آله و صحابته والتابعين الكرام. أللّهمّ اجعلنا من أكرم خلقك و أصحاب رضاك و فضلك. ربنا تقبل منّا من عبادك الفقراء و الضعفاء, فإنك أنت السميع العليم. آمين, يا ربّ العالمين....









المراجع:
-       القرآن الكريم
-       ابن أبي الدنيا, أبو بكر عبد الله بن محمّد بن سفيان, قرى الضيف, المحقق: عبد الله حمد المنصور, (الرياض: مكتبة أضواء السلف, الطبعة: الأولى, السنة: 1418 ه-1998 م)
-       ابن منذور, لسان العرب, المحقق: عبد الله علي الكبير و إخوانه, (القاهرة: دار المعارف, الطبعة: الأولى)
-        الألباني, محمّد ناصر الدّين, سلسلة الأحاديث الصحيحة, (الرياض: مكتبة المعارف, الطبعة: الأولى, السنة: 1425 ه- 2004 م)
-       الألباني, محمّد ناصر الدّين, سلسلة الأحاديث الضعيفة و الموضوعة و أثرها السّيء في الأمّة, (الرياض: مكتبة المعارف, الطبعة: الأولى, السنة: 1412 ه- 1992 م)
-       البخاري, أبو عبد الله محمّد بن اسماعيل, الأدب المفرد, المحقق: أحمد شمش الدين, (بيروت: دار الكتب العلمية, الطبعة: الثانية, السنة: 2011 م)
-       البخاري, أبو عبد الله محمّد بن أسماعيل, صحيح البخاري, (الرياض: دار الأفكار, 1419 ه- 1998 م)
-       البستي, أبو حاتم محمّد ابن حبّان, روضة العقلاء ونزهة الفضلاء, تحقيق: محّد محي الدّين عبد الحميد, (مطبعة السنّة النّبويّة, الطبعة: 1368 ه- 1949 م)
-       الجوزية, ابن القيّم, زاد المعاد في هدي خير العباد, المحقق: شعيب الأرنؤوط و عبد القادر الأرنؤوط, (كويت: المكتبة المنار الإسلامية, الطبعة: السبعة العشرون, السنة: 1415 ه-1994 م)
-       الحربي, أبو إسحاق إبرهيم بن إسحاق, إكرام الضيف, تحقيق: الدكتور عبد الغفّار سليمان البنداري, (بيروت: دار الكتب العلميّة, الطبعة: الأولى, 1406 ه- 1986 م)
-        الخرائطي, أبو بكر محمّد بن جعفر بن سهل, مكارم الاخلاق و معليها و محمود طرائقها, المحقق: عبد الله بن ثابت الحميدي, (الرياض: مكتبة الرشد, الطبعة: الأولى, السنة: 1427 ه- 2006 م)
-       الزحيلي, وهبة, الوجيز في أصول الفقه, (بيروت: دار الفكر المعاصر, الطبعة: الأولى, السنة: 1994  م)
-       الزرقاني, محمّد, شرح الزرقاني على الموطاء, (الطبعة الخيرية)
-       الزهيلي, وهبة, الموسوعة الفقهية و القضايا المعاصرة, (بيروت: دار الفكر, الطبعة: الثالثة, السنة: 1433 ه- 2012 م)
-       السخاوي, محمّد بن عبد الرحن, المقاصد الحسنة في بيان كثير من الأحاديث المشتهرة على الألسنة
-       السفاري, محمد بن أحمد بن سالم,  غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب, (بيروت: دار الكتب العلمية, الطبعة: الألى, السنة: 1417 ه-1996 م)
-       شندي, إسماعيل, أحكام الضيافة في الشريعة الإسلامية, مجلّة الجامعة الخليل للبحوث, المجلد: 3, العدد: 1, السنة: 2007 م
-       الصنعاني, أبو بكر عبد الرزّاق بن همّام, المصنّف, تحقيق: حبيب الأعظمي, (المكتب الإسلامي, الطبعة: 1403 ه- 1983 م)
-       الطبراني, أبو القاسم سليمان أحمد, المعجم الكبير, تحقيق: حمدي عبد المجيد السلفي, (القاهرة: مكتبة ابن تيمية, الطبعة: الثانية,)
-       الطبري, أبو جعفر محمّد ابن جرير, جامع البيان عن تأويل القرآن تفسير الطبري. تحقيق: أحمد عبد الرزّاق البكري و أخوانه, (القاهرة: دار السلام, الطبعة: الرابعة, 1430 ه- 2009 م)
-       العسقلاني, أحمد بن عليّ بن حجر, فتح الباري, تحقيق: عبد العزيز بن عبد الله بن باز. (القاهرة: دار الحديث, الطبعة: __, 1424 ه- 2004 م)
-       الفوزان, عبد الله بن إبراهيم وإخوانه, المعجم العربيّ بين يديك, (المملكة السعودية العربية)
-       النووي, محي الدين و فضيلة الأئمة العلماء, شرح الأربعين النووية, (القاهرة: دار المستقبل, الطبعة: الأولى, السنة: 1426 ه)
-       الهلالي, أبو أسامة سليم, بهجة النّاظرين شرح رياض الصالحين, (__: دار ابن الجوزي)
-       وِنْسِنك, الأرنؤوط يان, المعجم الفهرس, (لندن: مطبعة بريل, السنة: 1955 م)


[1] (المعجم العربي بين يديك. ص: 211)
[2] شرح الأربعين النوويّة. ص: 195
[3] أحكام الضيافة في الشريعة الإسلامية. ص: 239
[4] الموسوعة الفقهية. ج: 29, ص: 316
[5] صحيح البخاري, للإمام البخاري , كتاب الأدب, باب: إكرام الضيف و خدمته, ص: 1183
[6] شرح الأربعين النووية. ص: 195  
[7] روضة العقلاء, ابن حبّان, ص: 271
[8] الوجيز في أصول الفقه. الدكتور وهبة الزحيلي.ص: 93
[9] شرح الأربعين النوويّة, 195
[10] غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب, محمد بن أحمد بن سالم السفاري. ج: 2. ص: 144 
[11] بهجة الناضرين شرح رياض الصالحين, لأبي أسامة سليم بن العيد الهلالي. الجرء: 4. صفحة: 109
[12]مكارم الاخلاق و معليها و محمود طرائقها, لخرائطي, رقم: 234. ص: 570
[13] أحكام الضيافة في الشريعة الإسلامية, لإسماعيل شندي. ص: 7
[14] المرجع السابق
[15] جامع البيان عن تأويل القرآن. ابن جرير الطبري. ج: 2, ص: 855
[16] فتح الباري. ابن حجر العسقلاني. ج: 10, ص: 598
[17] روضة العقلاء, ابن حبّان, ص: 271
[18] المرجع السابق
[19] سلسلة الأحاديث الضعيفة و المضوعة و أثرها السيء في الأمّة. للشيخ الألباني, ج: 6, ص:63
[20] المصنف, للصنعاني, ج: 11, ص: 273
[21]صحيح البخاري, باب: مناقب الأنصار. ص: 722,التبيان بشرح مااتفق عليه الشيخان. ص: 497-498, الأدب المفرد, للإمام البخاريّ, ص: 177
[22] صحيح البخاري. كتاب مناقب الأنصار. للإمام البخاري. ص: 722. فتح الباري. ج: 7, ص: 120
[23] المرجع السابق
[24] الأدب المفرد, للإمام البخاري. ص: 30
[25] المرجع السابق
[26] فتح الباري, لإبن حجر العسقلاني,ج: 10, ص: 439

Komentar

Postingan populer dari blog ini

wadhih ad-Dalalah

HUKUM MENIKAHI DUA PEREMPUAN BERSAUDARA SECARA BERSAMAAN

Bagaimana Kita Tahu Terjadi Dislokasi Tulang Belakang?